الديرون السورية .. حين تنافس الطبيعةُ سحرَ الأساطير

للجمال حكايات عديدة، وللسحر وجوه تقدمها الطبيعة دائما للإنسان فما عليه إلا تذوق نكهة هذا الجمال والتمتع ببدعة ذلك السحر، ولكن في تلك المنطقة الواقعة بين حدود مدينتي مصياف وطرطوس السوريتين جمال من نوع آخر، وسحر يفوق ما يستطيع الإنسان أن ينطقه في محاولة لوصفه، هناك.. حيث زرقة السماء تعانق قمم الجبال حقيقة لا مجازا، تتمازج الزرقة بالخضار لتعطي انطباعا أسطوريا للمكان لا يمكن وصفه بكلمات عادية، ولكن أبلغ وصف له هو التمتع برحلة إلى قرية الديرون حيث مناخ الساحل والجبل في عناق دائم، فلا تدرك أيا من النسمات تستنشق أهي تلك القادمة من البحر أم من بين أشجار السنديان وكلاهما عذبة منعشة.
وادي العيون
تقع قرية الديرون في محافظة حماة السورية على الحدود التي تفصل بينها وبين مدينة طرطوس وتبعد عن حماة ما يقارب الأربعين كيلو متر باتجاه الساحل، وإذا ما قصدها المرء فإنه سيذهل حقا برحلة الطريق التي تعتبر وحدها حكاية أخرى للجمال، فالطريق يخترق الجبال صعودا باتجاه قرية وادي العيون الشهيرة أيضا بجمالها الساحر لينحدر بعدها إلى الديرون، الطريق ملتو متعرج تكثر على جوانبه الأودية العميقة، حتى ليظن المرء أنه سيعانق السحاب بعد قليل، وتستغرق الرحلة من مدينة مصياف السياحية إلى الديرون حوالي ثلث ساعة أو ربما أكثر قليلا ليصل بعدها إلى تلك القرية الصغيرة الممعنة في هدوئها والمثقلة بسحر اللون الأخضر المنعكس على صفحات من المياه يكاد لا يخلو متر منها، وتقع تلك القرية في واد محاط بالجبال الشاهقة التي يجتاز الزائر قمم معظمها في طريقه، والقرية ترتفع عن سطح البحر حوالي 800 م ويصل ارتفاع بعض القمم المحيطة بها إلى ما يزيد عن 1600 متر.
وتتميز القرية بغطاء نباتي غني جدا ومتنوع من أشجار السنديان والآس والدلب والقطلب والخروب والريحان والجوز والسماق والحور والصفصاف، وهي بمعظمها تحتاج إلى الماء الذي يتوفر بكثرة في المنطقة، ومن أغرب النباتات التي تعيش هناك نوع يظهر بشكل مفاجئ في يومي الخامس عشر والسادس عشر من شهر أغسطس (آب) فقط حيث يتفاجأ الزائر من غير سكان القرية بأن هذه النبتة لم تكن موجودة بالأمس وهي ليست بالنبتة الصغيرة فيبلغ ارتفاعها المتر ونصف المتر أحيانا، وهي لا تعيش طويلا لتعود وتختفي في اليوم التالي بنفس القدر من الصمت الذي ظهرت فيه، ويوجد في القرية نهر رقراق اسمه نهر الديرون يخترق القرية بكاملها قادما من قرية وادي العيون ليصب في البحر بعد ذلك، وعلى ضفاف النهر ينتشر عدد من المطاعم يبلغ عددها تسعة مطاعم، وهي مقسمة من حيث خدماتها إلى قسمين، القسم الأول هو عبارة عن مطاعم شعبية تقدم للزائر المكان فقط مقابل أسعار بسيطة، حيث يأتي الناس ومعهم مأكولاتهم ومشروباتهم ويجلسون على ضفاف النهر فيقومون بالشواء وصنع السلطات، أما القسم الآخر فهو يقدم المكان والخدمات كسائر المطاعم، وهذه المطاعم تقدم كافة أنواع المأكولات الشرقية من اللحوم المشوية والأسماك إضافة إلى المقبلات التي تشتهر بها سورية كالتبولة والفتوش والكبة بأنواعها واليبرق ?ورق العنب المحشي بالرز? وغيرها الكثير من الأطعمة الشهية، وتصنيف هذه المطاعم السياحية نجمتان وتعتبر أسعارها رخيصة جدا إذا ما قورنت بالأماكن الأخرى، كما تقدم القرية شققا مفروشة للسياح والزوار بإيجار إما يومي أو أسبوعي أو شهري وبأسعار تعتبر رخيصة أيضا، فتكلفة اليوم الواحد لا تتجاوز الـ1500 ليرة سورية (8 دنانير تقريبا) وهو سعر يكاد يكون رمزيا إذا ما أخذ بعين الاعتبار سحر المكان والمتعة التي سيحصل عليها المرء من جراء قضاء يوم أو اثنين بين أحضان الطبيعة.

يبلغ عدد سكان قرية الديرون حوالي 150 نسمة، فهي قرية صغيرة جدا ولكنها تحمل من السحر ما يجعلها إحدى أهم المناطق في سورية على الإطلاق نظرا لكونها تقع في منطقة تعتبر هي رئة البلاد بحق، وتمتلك إلى جانب أهميتها السياحية أهمية تاريخية، فهي مجاورة لقرية الشيخ بدر مسقط رأس الشيخ صالح العلي الذي قاد ثورته الشهيرة ضد المستعمر الفرنسي، وفي غابات الديرون والقرى المجاورة كانت تقع تلك المعارك، الأمر الذي يجعل سكان القرية يفتخرون بتاريخهم هذا.

يسلمووووو ع الموضوع

جــرح الــزمـن

مشكور على المعلومات الرووووعه

الله يعطيك العافيه ع طرح رائع

بانتظار جديدك بكل شوووق

لا يحرمنا من ابداعاتك

دمت مبدعأمـ الورد ـيرة

الله يعطيك العافيه ع طرح رائع

بانتظار جديدك بكل شوووق

يسلمووو ع الصور الرائعه